اسم الکتاب : تفسير السمرقندي = بحر العلوم المؤلف : السمرقندي، أبو الليث الجزء : 1 صفحة : 291
الإفضاء إذا كان معها في لحاف واحد، جامعها أو لم يجامعها، فقد وجب المهر. وروى عوف الأعرابي عن زرارة بن أبي أوفى قال: قضى الخلفاء الراشدون المهديون أن من أغلق باباً وأرخى ستراً، فقد وجب المهر والعدة. وقال مقاتل: الإفضاء الجماع. وبهذا القول قال بعض الناس: وأما علماؤنا رحمهم الله قالوا: إذا خلا بها خلوة صحيحة يجب كمال المهر والعدة، دخل بها أو لم يدخل بها. ثم قال: وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً يقول: أوجبن عليكم عقداً وثيقاً بالنكاح. وهو قوله تعالى فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ [البقرة: 229] فصار ذلك على الرجال ميثاقاً غليظاً من النساء ثم بيّن ما يحل للرجال من النساء وما لا يحل فقال:
[سورة النساء (4) : الآيات 22 الى 23]
وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَمَقْتاً وَساءَ سَبِيلاً (22) حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ وَأَخَواتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخالاتُكُمْ وَبَناتُ الْأَخِ وَبَناتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَواتُكُمْ مِنَ الرَّضاعَةِ وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ وَرَبائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً (23)
فقال تعالى: وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ يعني: لا تتزوجوا من قد تزوج آباؤكم من النساء، ويقال: اسم النكاح يقع على الجماع والتزوج، فإن كان الأب تزوج امرأة أو وطئها بغير نكاح، حرمت على ابنه. وقوله: إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ يقول: لا تفعلوا ما قد فعلتم في الجاهلية، وكان الناس يتزوج الرجل منهم امرأة الأب برضاها بعد نزول قوله لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً حتى نزلت هذه الآية وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ الآية. فصار حراماً في الأحوال كلها. ويقال: إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ، يعني ولا ما قد سلف كقوله تعالى وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً [النساء: 92] ولا خطأ. وقد قيل: إن في الآية تقديماً وتأخيراً، ومعناه ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء، فإنكم إن فعلتم تؤاخذون وتعاقبون إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ، إنه كان فاحشة ومقتاً وساء سبيلاً إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ. وقد قيل: إن في الآية إضماراً تقول: وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ من النساء، فإنكم إن فعلتم تعاقبون وتؤاخذون إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ. ثم قال: إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً أي معصية وَمَقْتاً أي بغضاً وَساءَ سَبِيلًا أي بئس
اسم الکتاب : تفسير السمرقندي = بحر العلوم المؤلف : السمرقندي، أبو الليث الجزء : 1 صفحة : 291